الثلاثاء، 18 يناير 2011

الحــــديـــث في التـــــوريــــث



استوقفتني قبل عدة ايام مقال عنوانه (نخبة مثقفينا من يكونون) - سنناقشها في يوم شتوي اخر - وبعدها بيوم هل علينا مقال في مدونة لاحد الاخوة المثقفين يحمل تساؤلات غريبه، تساؤلات جعلها مما ينطق به لسان كل عماني وهو ليس كذلك، فان هذه التساؤلات أثيرت باديء الأمر خارج عمان وما تزال تثار خارجها اكثر من داخلها.

التساؤل الذي تم طرحه في مدونة الاخ الصحفي يوسف البلوشي هو ما يخص توريث الحكم في السلطنة ، وكما ذكرت سالفا بان هذه التسؤالات يتم طرحها خارج السلطنة اكثر من داخلها.

إن انظمة الحكم القائمه في العالم هذه الايام محصورة في الانواع التاليه:-

· انتخابي:-

o الناخبون هم من عامة الشعب

o الناخبون هم فئه مختاره من الشعب ( عادة يتمثلون في مجلس تشريعي او ما شابه)

o انتخابي/ وراثي (الاصل فيها النظام الانتخابي) ( وهو ما تحاول القيام او ما قامت به بعض الانظمه وبخاصه في الدول العربيه)

· وراثي:- على مختلف مسمياته ( سلطاني، ملكي، أميري) بحيث يتم تعريف ولي العهد خلال الولاية الحالية للحاكم وتنتقل السلطه رسميا لولي العهد بوفاة الحاكم الحالي ويقوم من بعدها الحاكم الجديد بتعيين ولي للعهد حسب النظم المعمول بها وغالبا ما يكون إما الابن او الاخ

· فديرالي / وراثي :وهو عبارة عن اتحاد مجموعة مناطق او إمارات لتكون دولة وتعين رئيسا عليها في النموذج العربي تمثل هذا الاتجاه فقط دولة الامارات العربية المتحدة.

ان نظام الحكم الانتخابي او ما يعرف عالميا بالديموقراطي لم يعرف في البلاد العربيه الا بُعيد الحرب العالميه الثانيه ومع بداية تحرر الدول العربيه من قبضة الاستدمار - الاستعمار - الاجنبي، بينما استمرت الكثير من الدول العربية في نظامها الملكي بالرغم من المحاولات الناصريه للقضاء على بعضها. وكما هو متعارف بين مشيخات القبائل في الخليج العربي فانه بمجرد وفاة الشيخ تؤول المشيخه الى ابنه او اخيه مباشرة وهو نفس النظام الذي تم تصديره من مستوى القبيله الى الدولة فيمابعد.

إن التجربة العمانية تتميز بخصوصيه - اعتذاري للي ما يحب كلمة الخصوصية العمانية لكنني افتخر بها - في هذا المجال بالذات بحيث انها مزجت بين التوريث والانتخاب، فمع بدايات القرن الاول الهجري كان الحاكم (الامام) يتم تعيينه حسب الأهليه للمنصب وبدون وجود توريث، واستمر الوضع هكذا حتى الفترة بين القرن الثالث الهجري الى القرن الخامس حيث انحصر الحكم في معظم السنوات في اسرة بعينها مثل اسرة بني خروص. اما في القرن السابع فبدأت عملية التوريث في الحكم وتمثل ذلك في ملوك النباهنه ومن جاء بعدهم. ومع تحرر عمان من قبضة الاستعمار الاجنبي المتمثل في الاستعمار البرتغالي في العام 1624 - وهو تاريخ استقلال عُمان - تقريبا تم تاسيس نظام حكم يمزج بين الوراثيه ونوع من الشورى الاسلامية. بحيث ان اساس انتقال السلطة هو التوريث بين الاب وابنه الا اذا ارتأى اهل الحل والعقد عدم اهلية الحاكم الجديد فانهم اما ان يطلبوا منه بهدوء التنازل عن الحكم لمن هو افضل منه سواء كان ابن اخر للحاكم السابق او اخ، او ان يجبروه على رأيهم، واستنت دولة البوسعيد بعد ذلك نهج شبيه بذلك. وكما يتضح من التاريخ العماني فلم يتم في اي فترة من حكم الاسر المتعاقبه على البلاد ان تم تعريف ولي للعهد.

بالرجوع للموروث الاسلامي والذي يعتبر الدين الرسمي لكل بلاد الخليج العربي ومن ثم فان التشريع الاول هو القران الكريم، فانه لا يوجد اي تفصيل لكيفية اختيار حاكم للدولة في القران الكريم او السنة النبوية لكن توجد شروط معينه يجب توفرها في الحاكم المسلم. ومن بعد وفاة الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والتسليم تعتبر فترة الخلفاء المسلمين هي الفترة الذهبيه للدولة الاسلامية من جميع النواحي. ما يهمنا في هذا المجال هو كيفية اختيار الحاكم المسلم فنحن نعلم ان اختيار عمر بن الخطاب جاء كأمر مباشر من سلفه ابو بكر الصديق رضي الله عنه، وعندما احس عمر بن الخطاب رضي الله عنه باجله دعا مجموعة من الصحابه وامرهم ان يختاروا واحدا منهم كامير للمسلمين بعد وفاته. نستنتج من هذا ان الطريقة المثلى التي اتبعها افضل اثنين بعد الرسول صلوات الله عليه هي اما الاختيار المباشر من قبل الحاكم السابق او ترشيح مجموعة ليتم اختيار احدهم.

ان القاريء للمادة الخاصة بتعيين السلطان لهي ليست - في وجهة نظري - الا تطبيق للنهج القويم الذي انتهجه صحابة الرسول الكريم والذي يجب ان يكون النظام الفعلي المطبق في الدول الاسلاميه. اما ما يسمى بالنظام الديموقراطي فهو ليس الا ضحك على الذقون، فكيف لي ان اسمح لعامة الشعب ان يختاروا حاكما للبلاد على اختلاف ثقافتهم ومستوياتهم الفكريه وانتماءاتهم، فماذا كانت نتيجة الانتخابات الامريكية، اما ان يكون الرئيس ممثلا سابقا او ان يكون سكيرا عربيدا او ان يكون زير نساء.

فلماذا التساؤلات الان حول شخصية ولي العهد او الخليفة المقبل، ونحن صرنا في دولة تحكمها قوانين وانظمة واضحه للعيان وجميع البنود الخاصة بتولي منصب السلطان واضحه ولا يمكن تؤيلها او تفسيرها على غيرما هي واضحة به.فتعيين السلطان يتم اما بالاسناد المباشر او من خلال اتفاق العائلة المالكه حول شخصية معينه من بينها ليتولى المنصب، ولا اعتقد ان هناك عاقلا قد يتولد لديه الشك في ان شخصية السلطان القادم او كفائته لن تؤهله لذلك المنصب لسببين رئيسين:-

· لن يختار السلطان قابوس - اطال الله في عمره وامده بالصحه والعافية - شخصية غير مؤهله لانه وبلا شك يريد ان يتحمل المسؤولية رجل قادر على حماية ما انجزه السلطان ومن ثم تكملة المشوار من بعده - بعد عمر طويل - برؤية وفكر قريبه من رؤيته وفكره.

· في حال اتفاق العائله المالكه على رجل من بينها فكلنا ثقه كعمانيين في ان اختيارهم صائب لانهم وبلا شك يودون في الحفاظ على إرثهم التاريخي وفي الحفاظ على أمن واستقرار البلاد وفي المضي قدما على ما انجزه السلطان من قبله.

اعتقد جازما اننا كعمانيين لا ترهقنا هذه الهواجيس بتاتا لاننا كلنا ثقه في قيادتنا وفيما تختاره لنا، انما الهاجس يتولد في الاخر وبالاخص الاخر الذي لا يتعامل مع عمان بوجه واحد انما يعتمر كل يوم قناعا مختلفا فهو في حيرة من امره اليوم يتعامل مع قابوس وغدا سيتعامل مع من؟!

الأحد، 2 يناير 2011

ماذا بعد خيانة الصف الثاني؟!!

إن المتتبع للمداخلات والتحليلات التي تبعت الاعلان الشبه رسمي في السلطنة تجاه خلية التجسس التي تم اكتشافها مؤخرا ، يلاحظ ان جُل التحليلات انصبت على نقاط معينه وهي:-

· صحة الخبر من كذبه

· شخوص خلية التجسس

· تبعيتها لاي جهه خارجية

· ماذا سيحدث لاعضاء الشبكه

لكن هناك أسئله مهمه جدا لم يتطرق لها اي من المدونين او كتاب المنتديات - على الاقل حسب علمي – هذه الاسئله سنرجع لها في نهاية الموضوع وقبل ذلك احببت ان القي نظرة عامه على الجاسوسية وعلمها وادابها واخلاقياتها.

إن التجسس ليست مهنه جديده اخترعها انسان القرن العشرين بل كانت تمارس من بني البشر منذ الأزل. التجسس هو عمليه تقوم بها بالعاده دول ضد دول اخرى او جماعات ضد جماعات اخرى والاصل في عمليات التجسس انها تكون بين ندين او خصمين كي يفوز احدهما بمعلومات استخباراتيه احيانا لا تقدر بثمن فمن خلالها يتسطيع ان يردع هجوم مسلح او يعطل صفقه عسكرية او يوجهه ضربة اقتصاديه ضد خصمه. وبُعيد الحرب العالمية الاولى ضهرت انواع جديده من التجسس وهو التجسس بين الدول والجماعات التي تحكمها علاقات ود ومصالح مشتركه وذلك نتيجة لغياب الحس الاخلاقي في القرن العشرين فالبرغم من وجود اتفاقيات ثنائية ودولية بين الاطراف فما زالت عملية الخروج عن تلك الاتفاقيات واحيانا الغائها من جانب واحد يثير التوجس لدى الطرفين، مما دعى الى انتحاء منحى جديد في التجسس وهو التجسس على الاصدقاء والتركيز عليه اكثر من التجسس على الخصوم وكأنهم يعملون بالمثل القائل (احذر عدوك مره واحذر صديقك الف مره !!)

واذا عدنا للتاريخ فانه اول جهاز استخباراتي معروف كان لدى الفراعنه وانشـأه (تحتمس الثالث) خلال حصاره لمدينة يافا عندما استعصى عليه فتحها. وفي التاريخ الاسلامي كان رجال الاستخبارات لهم الدور البارز في العديد من المعارك فالصحابي حذيفة قام بدور كبير في غزوة الخندق عندما تسلل ليلا بين كبار مقاتلي قريش وجلس بينهم دون ان يفطنوا له واستطاع ان يُخذلهم وان يطلع على اخر معلومات العدو. لم يشهد التاريخ اهتماما بالجاسوسية وميزانياتها الضخمه كما شهده القرن العشرين، فبدا ان امتلاك جهاز استخباراتي ضخم وذو كفاءه عاليه دليل على قوة الدولة داخليا وخارجيا. فداخليا يضمن للنظام الحاكم ( فردا او مؤسسة دستوريه) البقاء في سدة الحكم بالنسبة للاول والحفاظ على الدستور والنظام بالنسبة للثاني. اما خارجيا فهو بمثابة الحارس على علاقاتها الخارجية والمورد الاهم للمعلومات التي على اساسها يتم بناء السياسات الموالية والمعاديه.

هناك نوعان للتجسس: الاول عن طريق ارسال شخص او فريق مدرب بافضل وسائل واساليب التجسس الى الدوله المراد التجسس عليها وزرعه في المجتمع بحيث يصبح جزءا من ذلك المجتمع حتى يتسنى له الوصول الى اصحاب القرار ومصادر المعلومات مباشرة وفي بعض الاحيان قد يصل الى ان يكون هو بنفسه من اصحاب متخذي القرار في تلك الدوله - مثال رأفت الهجان في اسرائيل والجاسوس الاسرائيلي ( لا يحضرني اسمه) في سوريا) - لكن هذا النوع يتطلب جهدا كبيرا ووقتا طويلا. اما النوع الثاني فهو تجنيد الجواسيس من ابناء المجتمع ذاته بوسائل الاغراء الكثيره وفي مقدمتها المال والنساء وعادة ما يكونون من متخذي القرار او من المقربين لهم، وهذا النوع تكمن الصعوبة فيه احيانا فقط في تجنيد اول عنصر ومن ثم تكون الامور سهله حيث يتولى ذلك المُجند مهمة تكوين الشبكة الاستخباراتيه. من وجهة نظري ان النوع الثاني يعتبر اكثر خطورة ويضع الدوله المستهدفه في موقف اكثر احراجا من النوع الاول.

ان عملية تجنيد الجواسيس لها عوامل نجاح عديده ومن وجهة نظري اهمها هو كيفية حماية جهاز الاستخبارات لمنتسبية من الجواسيس خصوصا اذا ما تم كشف مهمتهم ومن ثم تامين حياة امنه لهم ولاسرهم. ويتصدر جهاز الاستخبارات الاسرائيلي الموساد في قائمة الاجهزة في العالم في هذا الشأن وليس ما فعله تجاه الجاسوسة الاسرائيليه من أصل اردني (أمينه المفتي) الا اكبر دليل على ذلك.

بالرجوع الى اصل موضوعنا وهو خلية التجسس الحاليه والاسئله المطروحه والتداولات التي جرت في اروقة المنتديات وما سال من حبر في المدونات المختلفه باختلاف توجهاتها، حيث كما ذكرت ان ما تم مناقشته لم يخرج عن هذه المحاور:

· صحة الخبر من كذبه

· شخوص خلية التجسس

· تبعيتها لاي جهه خارجية

· ماذا سيحدث لاعضاء الشبكه

بينما تم اغفال تساؤلات مهمه الا وهي:

· محليا:-

o ما هي الدوافع التي دعت اشخاص مثل هؤلاء الى الاقدام على الخيانه العظمى، ومجموعة منهم بل قادة العملية برمتها هم من اعلى الرتب او كما وصفتهم احدى اخباريات الانترنت انهم من الصف الثاني في الحرس وفي القصر وغيره من الاجهزة.

o

o هل اغراءات المال كانت حجتهم؟ - لا اعتقد شخصيا ذلك - ، اذا لم يكن المال بالرغم من علمنا علم اليقين بانه تم اغراقهم باموال طائله، فيا ترى هل لوجودهم في تلك المناصب رأوا ما لا نراه مما دفعهم لفعل فعلتهم الشنيعه؟

o

o اذا كانت الخيانه قد وصلت للصف الثاني من الاجهزة الامنية، فيا ترى كيف ستكون ثقتنا في الصفوف التي تلي الصف الثاني؟

o

o هل يحق لنا ان نفاخر باكتشاف أمر الخليه وفضح المتسبب أم انه أمرمخــ....؟

o

o من سيتحمل التبعات: الشعبين ام الحكومتين؟

· في الدولة الاخرى واقليميا:-

o هل سيوافق مستقبلا الشيخ (م.ر.م) على تولي الشيخ (م.ز.س) مقاليد الدوله ام انها بداية النهاية؟

o ما هي ردة الفعل خليجيا وعربيا وايرانيا على التصريح الرسمي، هل من تنديدات ام انها شؤون داخليه؟

يا خبر اليوم بفلوس بكره بـ...... !!!